تُعد كتاب “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” لروجيه جارودي وثيقة حيوية تنظّم نفسها بين دراسات عميقة وتحليلات معرفية، تُطلع القارئ على التشابك المعقد للأساطير التي كانت أساسًا في صياغة سياسات إسرائيل. يسبر جارودي غور هذه الأساطير ليظهر كيف بني على خلالها معبد من الموقف والتصرفات، التي أثّرت في سياسة إسرائيل عبر تاريخها.
مقدمة
يطرح جارودي في كتابه “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” سؤالًا حيويًا: هل يمكن أن تكون السياسات التي تعتبرها مقدسة ولا يُحدَّث عنها جانبيًا إلا بتقدير وإجلال، قد صنعت من أساطير غير دقيقة؟ من خلال دراسة تاريخية مكثفة، يستعرض الكاتب كيف ساهمت هذه الأساطير في بناء حوار عام ومدونة سياسية داخل إسرائيل. من خلال تحدي القصص التقليدية المرتبطة بالأحداث الهامة مثل “العودة”، والهولوكوست، والنزاعات العربية-الإسرائيلية، يقدم جارودي منظورًا نقديًا ضروريًا لفهم تلك التجربة المعقدة.
ملخص شامل لأهم أفكار الكتاب
الأسطورة والهوية الإسرائيلية: يحلل جارودي كيف تشكّلت الهوية الإسرائيلية على ضوء سلسلة من الأساطير التي أخذت بعضها مقام الحقائق. يبدأ في هذا المجال من خلال تفنيده لما يُصف عادةً بـ”العودة إلى أرض إسرائيل”، حيث يظهر كيف أن فكرة الانتقال والعودة للأجداد في سياق جغرافي محدّد لم تكن دائمًا هي الدافع المسؤول عن إنشاء الدولة. بدلاً من ذلك، يُظهر كيف أثرت الأوضاع السياسية والاجتماعية في أوروبا المحيطة على هذا التنقّل.
دور الهولوكوست: يُعتبر الهولوكوست جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة والسرديات الإسرائيلية، حيث أصبح نقطة انطلاق مفهومية في تبرير بعض السياسات المعاصرة. يُجادل جارودي في أن هذا التمثيل قد شكّل سياسات إسرائيل، ولكنه يقترح على البدء من تفكيك كيفية استغلال الأحداث التاريخية لصالح حجة معيّنة في ساحة الموضوعات السياسية.
التأثير على العلاقات مع الشرق الأوسط: تُظهر أبحاث جارودي كيف كانت هناك سلسلة من التصورات والأساطير المحيطة بالجيران العرب والديناميكية الإقليمية. يُظهر أن تعزيز الصور النمطية للشرق الأوسط كتهديد أو عدو غير مستحيل قد استخدم في بناء حجج سياسية تبرّر بعض الأفعال، مثل حظر الاحتلال.
الانتقادات والإصلاح: يسعى جارودي إلى أن يكون ليس فقط نقدًا بل ومؤدّبًا، في إشراك قرائه في مفاهيم جديدة تحتاج لأخذها بعين الاعتبار لإصلاح التوازنات وتصحيح المسار. يُقترح على ضرورة استعادة المثلّ الديموقراطية الأساسية، والتحدث بصراحة عن الماضي لبناء مستقبل أكثر تآزرًا.
التأثير والأهمية
“الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” يتجاوز مجرد كونه بحثًا أكاديميًا، فهو تحفة تقدّم منظورًا غير معتاد يُلقي الضوء على المخططات الأساسية التي شكّلت سياسة إسرائيل. يمهّد جارودي الطريق لفهم أعمق وأكثر تنازلاً في التعامل مع السياسات المعاصرة، من خلال فك الشوكات التاريخية التي قد يتعذّر حلها إلا عبر تحدي هذه الأساطير. كما أنه دافع للبحث المستمر في طرق بناء سرديات جديدة تستند على الحقائق والشفافية، مما يُسهّل التوصّل إلى حلول دائمة وعادلة للنزاعات.
تُظهر أعمال جارودي كيف تخدم الأساطير في بناء عقائد مُشبعة، لكن هذا الكتاب يؤكّد أن التحديث الوضوح والانفتاح يمكن أن يسهل من خلق مستقبل أفضل. يُشجع القارئ على إعادة زيارة التاريخ بعين جديدة، والعمل على تصحيح الأوهام المترسّخة في حوارات اليوم. من خلال تفكيك هذه الأساطير، يُظهر الكتاب كيف أن إعادة البناء والإصلاح ممكنان عندما نستعد لخوض الماضي بشجاعة.
رابط تحميل كتاب “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” روجيه جارودي PDF